فرض شهادة القيادة التركية تواصل الحكومة التركية بشكل شبه مستمر استصدار القرارات الخاصة بوجود اللاجئين السوريين على أراضيها،
في محاولة منها لإخضاعهم بشكل كامل للقوانين المفروضة.
وتهدف الحكومة التركية من هذه القرارات والإجراءات وفق ما ذكره موظفون حكوميون،
لتحقيق نسبة أكبر في موضوع الاندماج بين الشعب التركي واللاجئين السوريين،
وخاصة بعد أن تم دمج العديد من المجالات بين الطرفين المذكورين،
كالمدارس والمستوصفات والمراكز الطبية والاجتماعية وغيرها،
ليتم مؤخراً إخطار السوريين الذين يملكون سيارات بضرورة استخراج (شهادة قيادة تركية) بعد أن تم استصدار قرار يحظر على السوريين القيادة على (الشهادة السورية المترجمة والمصدقة) كما يفعل غالبية السوريين الذي يقودون السيارات في تركيا.
أسباب ودوافع للقرار وضبط التزوير في رأس القائمة
قرار استصدار شهادات القيادة التركية لم يكن عبثياً أبداً بل جاء لعدة دوافع وأسباب شرحها أحد عناصر شرطة المرور (TRAFIK POLIS) في مدينة أنطاكيا التركية في حديث لـ “أورينت نت”،
إذ قال الشرطي الذي لم يذكر اسمه أن قرار “إلزام السوريين بشهادة القيادة التركية جاء بالدرجة الأولى حفاظاً على أرواح الناس،
فهناك المئات بل الآلاف من الشبان الذين لم يتجاوزوا الثامنة عشرة يحملون إجازات سوق سورية غالبيتها مزورة وتمت ترجمتها وتصديقها في الـ NOTER،
وقد تسبب هؤلاء بعشرات الحوادث بسبب قيادتهم الضعيفة والرعناء في آن واحد،
نعم هناك العديد من مكاتب التزوير التي تستخرج شهادات قيادة سورية ممهورة بالمهر الأصفر المعروف والذي كنا نعتبره أنه العلامة
الفارقة الوحيدة التي تميز الشهادة الأصلية من المزورة ولكن تم تزوير الأختام أيضاً وباتت الشهادة في متناول جميع الأعمار والفئات من السوريين”.
وأضاف: “اتجهت الحكومة التركية في البداية للتضييق في هذا الموضوع،
فأصبحت تصادر أي شهادة سورية حديثة العهد، فكما نعلم جميعاً أن الوضع في سوريا لا يسمح باستخراج شهادة قيادة حقيقية،
وعليه كل من يحمل شهادة سورية تاريخ صدورها بعد العام 2012 تعتبر مزورة ليتم أيضاً تزوير تاريخ الاستصدار،
ولكن في غالبية الأحيان بدأنا نتجه لمطابقة الصورة الشخصية والعمر المكتوب في الكمليك مع تاريخ الشهادة قبل أن نكتشف فوراً بأنها مزورة،
فالقاعدة كانت تعتمد على حساب عمر الشخص في عام 2011،
ففي حال كان عمره سنة 2011 هو 19 عام فنعتبر أن الشهادة صحيحة وأن عمره مناسب لاستخراجها أما إن كان 18 أو أقل فهنا نقول أن الشهادة مزورة،
ولكن عمليات التزوير استمرت والقيادة بدون رخصة استمرت وهذا ما دفع الحكومة التركية لفرض قرار يلزم السوريين باستخراج شهادات قيادة تركية كغيرهم من الأتراك”.
عقوبات مختلفة والقانون يدخل التنفيذ تدريجياً
وعلى الرغم أن العديد من المحافظات ما تزال خارج نطاق القرار الجديد والسوريين فيها ما زالوا يقودون من خلال شهاداتهم السورية، إلا أنه من المفترض أن يتم تطبيق القرار بشكل كامل في عموم أرجاء تركيا اعتباراً من الأول من شهر آب/أغسطس المقبل،
حيث بدأ تطبيق القرار تدريجياً في أنطاكيا منذ فترة شهر، عبر حجز السيارات التي يقودها سوريون،
حيث تمت مصادرة الشهادات السورية وإصدار أمر بحجز المركبات يتراوح بين الـ 3 -6 أشهر حسب نوع السيارة والهدف من استخدامها (خصوصي/عمومي) وفرض غرامات باهظة بلغت بين الت 2500 – 4000 ليرة تركية,
وتم إخطار مكاتب التأجير بعدم تأجير أية سيارة لأي سوري وهذا بدأ تطبيقه
بالنسبة للسائقين على الطرقات العامة بين المحافظات وتولى مهمة ضبط السائقين المخالفين حواجز الجيش والشرطة المنتشرة على طول الطريق بين المحافظات،
ولكن ومع كل هذه الإجراءات ما زال القرار محدوداً داخل المدن ولا يتم تطبيقه بشكل فعلي في أنطاكيا والمحافظات الحدودية الأخرى كـ “غازي عنتاب وشانلي أورفا”،
فيما كان الأمر في اسطنبول على شكل غرامات فقط ترافقت مع إنذارات لبعض الأشخاص،
وقد أدى لذلك لامتناع غالبية السوريين من القيادة عبر الطرقات السريعة خوفاً من المخالفات الكبيرة وإمكانية حجز مركباتهم.
ويقول الموظف في مديرية الأمن بأنطاكيا “بهجات قيناقجي” في حديث لـ “أورينت نت”،
إن “الحكومة التركية تعلم أن عملية استخراج شهادة تركية يتطلب وقتاً ليس بالقصير إضافة للتكلفة المرتفعة،
فاستخراج شهادة قيادة يتطلب التسجيل في مدرسة قيادة وهو نفس القانون المفروض في جميع الدول،
ومن هنا تم اتخاذ بعض التدبيرات عبر إتاحة الوقت نوعاً ما أمام السوريين لاستخراج شهادات قيادة ولم يتم تطبيقه بشكل كامل لحد الآن,
بناء على ذلك ولكن من المتوقع أن يبدأ سريان القرار رسمياً اعتباراً من مطلع الشهر المقبل”.
كلفة عالية واستياء من قبل السوريين
وأدى القرار الأخير لموجة من الاستياء في أوساط السوريين،
إذ قال اللاجئ السوري في مدينة أنطاكيا “مصطفى عبد القادر” .
إن القرار سبب كارثة للسوريين وبخاصة الذين يعملون (شوفيرية) ويعتمدون على ذلك لجني قوت يومهم،
الآن لا يمكن لأي سوري (أخذ طلبية) خارجية على محافظات أخرى،
كما أصبحت القيادة داخل المدن نفسها أمر مشبوه وفي أي لحظة يتم إيقاف السائق ومخالفته وحجز سيارته وهذا غير مقبول،
كما أن كلفة استخراج الشهادة تبلع نحو 2000 ليرة تركية بين رسوم تسجيل وفحص نظري وعملي،
إضافة للمدة التي تستغرق نحو 3 أشهر دراسة قبل أن يتم إجراء الاختبار الذي في حال نجح فيه
الشخص عليه أن ينتظر شهراً آخر لحين منحه الشهادة”.